لا تقتلوا أسود بلادكم فتأكلكم كلاب أعدائكم / بقلم عزيزة البرناوي
حين تصفي الأمة قادتها الواحد تلو الآخر، وتكبل أبطالها في غياهب السجون، و تترك شعوبها في مواجهة وحوش الظلام، تغزوها بثقافات التخريب والاجتثاث، وتنهش لحومها بآلات القتل والإبادة، دون حراك ولا تدخل، فهي توقع بذلك مراسيم محقها من على وجه الخريطة.
إن ما تمر به أمتنا منذ عقود عديدة من الزمن هو حرب اجتياح وحشية، نصبت مدافعها الثقيلة تحت أسس قلاع بلداننا، تدك حصون مجتمعاتنا من داخل النسيج الرئيسي لقيمنا و دساتيرنا الأخلاقية، وما هذه الصفعات الموجعة التي نستيقظ عليها من سباتنا الثقيل إلا صعقات عابرة تضرب وجداننا بخفة ثم تمضي بسرعة كما يخفت برق “تريندات” التفاهة على مواقع الافتراض التي ننغمس فيها عن همومنا و قضايانا المصيرية، هي ومضة إفاقة خفيفة نسقط بعدها صرعى في سكرتنا الأخيرة من أكواب حانات الارتهان و الجبن و المهانة، كأننا كتبنا على أنفسنا ما كتب الله على أمم الجحود من ذلة ومسكنة.
إن استسلامنا لواقعنا المزري، الذي يترجمه تبصيمنا على محاضر سلب إرادتنا في الانتخابات، وتشريع قوانين محو هويتنا الإسلامية العربية، و لهثنا بألسنة المهادنة خلف صحون المصالح الشخصية، وتقاتلنا على التمدد جثثا هامدة في توابيت عدونا المسمومة، هو متاهة الموت التي ابتلعت حقيقتنا شيئا فشيئا، وما نعيشه اليوم من بكائيات افتراضية هو مجرد رقصة أخيرة لظلال ضمائرنا المختنقة تحت أنقاض اليأس و الشعور بالعجز.
رحم الله من قضى من أبطال أمتنا، وحملة همومنا و فك أسر من ينتظر دوره في إبط الموت، كالقائد العربي الجسور محمد ولد عبد العزيز، رافضا تبديل جوهره الصقيل، عاضا على مبادئه بنواجذ الصمود و الشجاعة في سجون الخونة، يتجرع سموم خذلان شعبه و استهداف آلات العدو و أجندات انتقامه بسبب انتمائه الراسخ لهويته العربية العظيمة ومواقفه التاريخية الشجاعة بطرد سفير الكيان الغاشم من موريتانيا بعد تدحرجها في شدق الذل و تلطيخ شرفها بعار التطبيع.