ﺍﻟﻤﻨﺠﺰﺍﺕ ﺍﻟﻴﺘﻴﻤﺔ ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﺬﻛﺮﻯ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﺴﺘﻴﻦ ﻟﻌﻴﺪ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻣﺤﻤﺪ ﻭﻟﺪ ﺇﺷﺪﻭ
يُحكى أن فتاة تسمى “دعد” كانت على غاية من الجمال والفتنة والذكاء والفطنة، فجاءها الخطاب من كل أرجاء الجزيرة العربية، وكانت تقول دوما لأبيها: يا أبت لن أتزوج إلا من أرضاه، ولن أرضى إلا من يقول فيَّ قصيدة يطرب لها سمعي ويخشع لها قلبي.
تقاطر الشعراء الجاهليون من كل حدب وصوب على خيمة الفتاة. كل يطلب يدها وودها بقصيدة عصماء، إلا أنها كانت في واد وهم في واد!
إلى أن جاءها أحدهم يوما فأنشدها قصيدة، وأي قصيدة! رق لها قلبها وطرب سمعها.. لكنها نظرت إليه مستنكرة ومستهجنة، وأمرت رجال القبيلة بالقبض عليه، وقالت: هذه القصيدة ليست لهذا الصعلوك.
وبعد التحقيق معه اعترف الرجل أنه لقي في الطريق فتى يقصد القبيلة ومعه قصيدة نظمها في دعد، فطلب منه أن ينشده إياها، فلما سمعها وجدها على ما هي عليه من الروعة والجزالة، فقتله ودفنه، وأخذ القصيدة، وقصد بها دعدا خاطبا.
ذهب القوم إلى مسرح الجريمة ليتيقنوا، فوجدوا قبر الفتى، فعادوا وأخبروا الفتاة، فأمرت أن تكتب القصيدة بماء الذهب وتعلق في مكان بارز، وجعلوا لها عنوانا “اليتيمة” لأن قائلها مات.
ومطلع القصيدة هو:
“هل بالطــــــلول لسائل رد أم هل لها بتكلم عهد
لهفي على دعد وما حفلت بالًا بِحَرِّ تَلَهُّفي دعدُ”.
تذكرت حكاية “دعد” و”القصيدة اليتيمة” المكتوبة بماء الذهب، وأنا أشاهد مراسيم تدشين -وإعادة تدشين- المنجزات الوطنية اليتيمة التي شيدها رئيس الجمهورية السابق محمد ولد عبد العزيز، من طرف قومه الذين تآمروا عليه، واتهموه ظلما بالفساد، وصادروا ممتلكاته وممتلكات جميع أفراد أسرته ومحيطه، وحاولوا قتله سياسيا وأخلاقيا وجسديا! وها هم اليوم يحبسونه حبسا تحكميا ما أنزل الله به من سلطان، في زنزانة انفرادية، ويمنعونه من حقوقه -كأي سجين- في الزيارة والاتصال والإعلام والرياضة وأشعة الشمس، وحتى من حقه في العلاج والحياة وهو مريض!