روصو: خلاف بين الدرك والشرطة وسط حرب على “تهريب البشر”
ثار خلاف بين وحدة من الدرك وعناصر من الشرطة، في مدينة روصو جنوب غربي البلاد، وذلك بالتزامن مع حرب تخوضها السلطات الموريتانية منذ فترة ضد شبكات تهريب البشر، وعبور آلاف المهاجرين غير الشرعيين الأراضي الموريتانية نحو شواطئ جزر الكناري الإسبانية.
وقالت مصادر أمنية إن الخلاف اندلع قبل يومين، حين وقفت وحدة من الدرك الوطني على أحد أفراد الشرطة الوطنية، عند معبر (كير ماديكي) الحدودي، الواقع إلى الشرق من مدينة روصو، ومعه أجانب متسللين عبر الحدود.
وأضاف المصدر أن وحدة الدرك اشتبهت في الشرطي بسبب وجوده مع أجانب متسللين، إلا أن الشرطي أعلن أنه «في مهمة أمنية»، ومع ذلك طلبت منه الوحدة أن يرافقها إلى مقر فرقة الدرك حيث ستخضع الأجانب للتحقيق، ثم تسمح له بنقلهم إلى مفوضية الشرطة.
المصدر أكد أن الشرطي وافق على طلب وحدة الدرك، بل إنه قبل بأن يركب معه في سيارته أحد عناصر الدرك، وبدأ يتحرك من المعبر باتجاه مدينة روصو، ولكنه بدل التوجه نحو مقر فرقة الدرك غير اتجاهه نحو مفوضية الشرطة، حيث احتمى بها من وحدة الدرك التي كانت تتعقبه.
حاصر الدركُ مبنى مفوضية الشرطة وطلبوا من الشرطي التراجع عن قراره ومواصلة الطريق معهم للتحقيق مع المتسللين الأجانب ولكنه رفض، فيما اعتبرت الشرطة أن محاصرة الدرك لمبنى المفوضية «تصرف غير ودي»، واتهمت أفراد وحدة الدرك بأنهم اقتحموا المبنى دون مبرر، وفق ما أفاد مصدر من الشرطة لـ «صحراء ميديا».
وأضاف مصدر فضل حجب هويته أن عناصر الدرك اقتحموا مبنى المفوضية دون مبرر، مشيرًا إلى أن الأمور «كادت تتطور إلى مواجهة بين الطرفين، لولا تدخل المفوض الذي منع أي اشتباك، وسلم المتسللين الأجانب إلى وحدة الدرك»، وفق تعبير المصدر.
وفي رد على رواية الشرطة، قال مسؤول رفيع في الدرك بمدينة روصو إن وحدة الدرك تصرفت «دون معرفة المكان»، فحاصرته على أنه «مبنى عادي» لجأ إليه متسللون، مؤكدًا أن أفراد الوحدة انسحبوا فور إشعارهم من طرف فرقة الدرك بالمدينة بأن المبنى هو مفوضية الشرطة.
ويأتي هذا الخلاف بالتزامن مع حملة واسعة تقوم بها «وحدة خاصة» من الدرك الوطني على الشريط الحدودي المحاذي للسنغال، ضد شبكات تهريب البشر والهجرة غير الشرعية، التي تنشط في معابر على نهر السنغال.
وتعمل وحدة الدرك «الناشئة» بالتنسيق مع ضباط إيطاليين وإسبانيين، أشرفوا على تكوينها وتدريبها لمحاربة الهجرة ومكافحة الجريمة بمختلف أشكالها، وتخوض منذ فترة حربا ضد شبكات التهريب في البلاد.
وفككت السلطات الأمنية في موريتانيا قبل أسابيع شبكة لتهريب البشر تعمل في شبه المنطقة، وصل إليها الأمن بعد توقيف أجانب وموريتانيين عند نفس المعبر الحدودي الذي تسبب في الخلاف بين الشرطة والدرك، وهو أحد معابر الهجرة والتهريب المعروفة في منطقة حوض نهر السنغال.
من جهة أخرى، أعادت الحادثة إلى الواجهة خلافًا قديما بين القطاعين، تتباين مواقف مسؤولي الدرك والشرطة حوله، ففي حين يرى مسؤولو الدرك أنه خلاف حول «تسيير بعض المهام»، يرى مسؤولو الشرطة أن ما يجري من طرف الدرك هو «تجاوز للصلاحيات».
ويستحضر مسؤولو الشرطة النزاع بين القطاعين حول نقطة «تامبين» التي يقول أفراد الشرطة إنها تدخل في الحيز الجغرافي لصلاحياتهم في مركز انتيكان الإداري، وبالتالي يرون أن الدرك تجاوز صلاحياته بالتواجد عند تلك النقطة.
ولكن مسؤولي الدرك يقولون إن القانون يخول لقطاعهم، دون بقية القطاعات الأمنية الأخرى، بسط نفوذه في أي نقطة من البلاد، وهو ما بررت به وحدة الدرك التابعة لمقاطعة اركيز، استحداث نقطة أمنية على طريق روصو – بوكي، بعد انسحابها من «تامبين».
نقطة أخرى ألقت بظلالها على الخلاف وأججته، وهي أن الشرطة تستند في روايتها حول حادثة معبر (كير ماديكي)، إلى أن القانون المنظم لمحاربة الهجرة غير الشرعية، ينص على أن أي متسلل نحو الأراضي الموريتانية، يسلم إلى الشرطة للتحقيق معه قبل المثول أمام النيابة.