تعيين الكفاءات لا اعتماد المحاصصة الجهوية أو العرقية / نوح محمد محمود .
تمر موريتانيا اليوم بمرحلة تاريخية وحساسة، حيث تشهد تحولات سياسية واقتصادية تهدف إلى تعزيز الاستقرار والتنمية المستدامة.
وفي هذا السياق، تبرز أهمية اتخاذ قرارات رشيدة ترتكز على أسس الكفاءة والقدرة على الأداء، وليس على المحاصصة الجهوية أو العرقية.
إن المرحلة الحالية تتطلب كفاءات مؤهلة قادرة على النهوض بالبلاد وتوجيهها نحو المستقبل، بعيدًا عن الاعتبارات التي قد تشتت الجهود الوطنية.
تاريخيًا، شهدت موريتانيا العديد من محاولات المحاصصة الوظيفية والسياسية التي كانت تهدف إلى ضمان تمثيل مختلف المكونات العرقية والجهوية في المناصب العليا. إلا أن هذه السياسات، على الرغم من نواياها الطيبة في الحفاظ على توازنات معينة، أدت إلى العديد من التعقيدات التي أثرت سلبًا على الأداء السياسي والإداري. المحاصصة في العديد من الحالات لم تأخذ في اعتبارها الكفاءة والخبرة، وهو ما ساهم في تقليل فعالية المؤسسات الحكومية وأدى إلى تباطؤ وتيرة التنمية.
إن تعيين الأشخاص في المناصب بناء على الانتماء العرقي أو الجهوي، بدلاً من تقييم كفاءاتهم وقدراتهم، ينعكس سلبًا على العمل الحكومي. فقد أظهرت التجارب السابقة محليا ودوليا أن التركيز على المحاصصة يفتح المجال للمحسوبية ويؤدي إلى تعيين أشخاص غير مؤهلين للقيام بمهامهم بالشكل الأمثل، وهو مايفجر نتائج غير محمودة العواقب.
وعندما يُعتمد هذا الأسلوب في مرحلة ما، فإن ذلك قد يُعرض عملية النهوض بالبلد إلى خطر جليل، كما أن البلاد لا تحتمل المزيد من التجارب الفاشلة.
إن البلد اليوم بحاجة إلى الكفاءة ومن له القدرة على فهم التحديات الداخلية والخارجية، ويتسم بقدرة الخبرة التي تساهم في بناء مؤسسات دولة قوية، فالشقيقان الأخوان المؤهلان فكريا وإداريا أولى توليهما المناصب العليا من محاصصة جهوية أوعرقية قد تعصف ببناء التنمية والاقتصاد.
ومن هنا ينبغي أن تكون التعيينات في المناصب الحكومية قائمة على أساس الجدارة والكفاءة الفردية، فالمحاصصة في هذا الوقت لا تمثل الحل الأمثل لتحقيق التنمية والاستقرار والأمن.
وبالرغم من الدعوة إلى الكفاءة كمعيار أساسي في التعيينات، لا ينبغي أن يتم ذلك على حساب تهميش أي مكون من مكونات المجتمع الموريتاني، فالنهج الأفضل يتطلب التركيز على تعزيز الوحدة الوطنية، واحترام التنوع الثقافي والعرقي، مع تأكيد ضرورة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين، لذا يجب أن يشارك كل -بحسب حاله ومستواه- في عملية البناء الوطني، لكن من خلال معايير موضوعية تأخذ في الاعتبار الكفاءة والقدرة على النهوض بالمهام الموكلة إليه.