قراءة في المستقبل المنظور
سيد محمد ولد بوبكر ربما يمثل مجددا، مرشح المعارضة فى الانتخابات الرئاسية القادمة،بإذن الله،و ستبقى حظوظه مرتبطة بمدى نجاح غزوانى فى تعزيز المكاسب و درء المخاطر التنموية و السياسية.
و باختصار الساحة الموريتانية حبلى بالتغيرات و السنوريوهات المختلفة،المثيرة للاستغراب و الاستفسار المشروع الوجيه.
ما هي قدرة ولد غزوانى و حلفائه العسكر و المدنيين فى كسب الوقت و استثماره، قبل حلول الاقتراع المرتقب، فى منتصف سنة 2024،و هل سيترشح مجددا،و إن فعلها فهل سينجح دون حاجة لشوط ثانى،أم أن معطيات راهنة أو منتظرة،ستعصف بفرصه فى استمراره فى دفة الحكم؟!.
شخصيا لا أستبعد بقاءه فى دفة الحكم،من خلال ترشحه لدورة ثانية،بإذن الله،ربما ليس بسبب إنجازاته فحسب،لكن لأنه مرشح و خيار المؤسسة العسكرية و أهل “الشرق” و أنصار “الدولة العميقة”،هنا و هناك!.
لكن فرصة نجاح ولد بوبكر ،مرشح بوعماتو ،أو المرشح الرئاسي محمد ولد بوعماتو نفسه،ستتعزز،على ضوء مستوى إخفاقات النظام القائم،و مهما تكن فرصة بيرام فى الحملة القادمة،فإن غياب حليفه غير المباشر، ولد عبد العزيز،قد يقلل من حجمه الانتخابي المفبرك،ليرجعه لمستواه الحقيقي،و ذلك أبعد،حسب رأيي،مما ظهر به فى انتخابات 2019،المثيرة للجدل بحق و صدق!.
تواصل و المعارضة،ربما من مصلحتهم ما يعيشونه من “بيات شتوي”،لترك الفرصة للنظام القائم و عدم مضايقته فيما يدعى من إصلاح موعود متنوع،لكن بشرط أن لا يتركوا الساحة تماما، لولد غزوانى و أنصاره،بحجة الدعم الزائد للاستقرار،و كان بين ذلك قواما.
فالمسألة الوطنية لا تحتمل المجاملة،فالحاكم فى اللعبة الديمقراطية،لا جدوائية و لا جدية لتجربته فى الحكم،دون معارضة،و المعارضة لا إقناع لجمهورها، من دون تميز و استقلالية،و ما يظهر من تماهى و تمازج، شبه مطلق،بين النظام الحالي و المعارضة،لا يخدم الشعب الموريتاني و مصالحه العليا،و إن كان الاستقرار يتطلب تنازلات و مسالمة عميقة،لكن دون أن يصل ذلك للدخول الكامل فى جلباب صاحب الفخامة و حكمه،المحتاج لمعارضة مسالمة ناصحة موجهة،أكثر من حاجته ربما، لموالاة تتصارع،على القرب من النظام و كعكته الدسمة المغرية الفاتنة!.
ترى هل سيفهم تواصل الدرس،فلا يتخلى عن دوره المعارض،لكن بسلمية و حنكة و تدرج فى أطماع السلطة و النفوذ.
التيار الإسلامي حاربه عزيز و سالمه غزوانى،و الهيئات الإسلامية،الثقافية و العلمية و الخيرية،حلها عزيز و أوشك على مصادرة رخصة تواصل،و يومها فى أمر حل “حزب تواصل”، لم يكن مدعوما بحماس،من قبل بعض الجنرالات المتنفذين،بسبب بعض التوجيه و النصح،من أجل الاستقرار و توازنات اللعبة السياسية و الديمقراطية،و تم تجاوز المرحلة الأخيرة من حكم ولد عبد العزيز،دون إقدامه على تصرف كارثي مدمر،لمستقبل العمليةالسياسية الوطنية،مثل حل حزب تواصل،فهل ينتبه تواصل لأهمية الاحتفاظ بدوره المعارض،دون أن تفوته فرصة غزوانى المسالم،قبل التحول لغزوانى المعادى أو المحارب،تحت تأثير عوامل متجددة أو طارئة،محلية أو خارجية،و جدير بغزوانى أن يتعمق لديه فهم و وعي و بعمق،خطورة معاداة و مواجهة أي فيلق أو فريق، يرفع شعار الإسلام،خصوصا فى بلادنا،و بوجه أخص حزب تواصل!.
و إن كانت خطوة جلب المشمولين فى ملف العشرية للقضاء،يوم الثلاثاء،9/3/2021،خطوة مهمة،و مطلب شعبيا تقريبا،على رأي أغلب المؤثرين فى الرأي العام الوطني،إلا أنها تمثل،فى نظر البعض، اختبارا لمدى جدية النظام القائم فى ملف مكافحة الفساد،دون تساهل أو تجاوز و شطط،و كان بين ذلك قواما.
فاللحظة الراهنة و الحصيلة التراكمية فى موريتانيا،كرست و لخصت واقع شعب مغبون فى سواده الأعظم ، بسبب سوء التسيير المزمن للشأن العام و التلاعب البين الفاحش بالمال العمومي،فأضحت ثمار الوطن المستباح،للسماسرة المحليين المتنفذين و شركائهم الخارجيين،القادمين على البلد،بحجة الاستثمار،أما أغلبية الشغب المغبون،ففى خبر كان،فإلى متى هذا الهوان؟!.
و لعل أمر محاربة الفساد فى الوطن سيظل زمنا طويلا، مجرد شعار أجوف، بالمقارنة مع حجم ممارسته على أرض الواقع،من قبل جميع الأنظمة المتعاقبة و إلى اليوم!.
و مهما تكن نماذج الفساد المتفشى، بوجه أو بآخر، فى السابق أو فى الحاضر،فما لا يمكن تحقيقه كليا و شموليا،لا يعنى ذلك صواب ترك محاولته،جزئيا و تدريجيا،و لذا لزم التنويه بما جرى اليوم فى عهد ولد غزوانى من محاولة محاربة فساد العشرية،مهما أثار ذلك من أسئلة وجيهة فى هذا الصدد،المثير للجدل المشروع المعقد العميق،بل و الموضوعي أحيانا.
فمن يحاكم من؟!،ألم يكن الجميع شركاء فى عشريتهم المهلكة الظالمة،و التى بالغت بحق فى مص دماء هذا الشعب المغدور المحروم فى أغلبيته الساحقة المدحورة؟!.
ألم تتمكن فى النظام الحالي،تحت الضغط العائلي و المحسوبية،بعض الجهات المقربة جدا من الرئيس الحالي،من جني المنافع الطائلة المشبوهة،على ادعاء بعض العارفين بسراديب النظام القائم،رغم أنه لم يكمل بعد سنتين من عهدته الحالية،و إن استمر على وتيرته الحالية،فستكون “العشرية الغزوانية” المرتقبة،لها عيوبها الجمة،فى مجال المحسوبية و سوء التسيير و استغلال النفوذ،و ربما لن تتمكن “عشرية غزوانى” من منافسة “عشرية عزيز” ،فى مجال الفساد.
و عموما غزوانى و نظامه، جدير بالتأطير و التشجيع،على ما يبدى حتى الآن،من محاربة فساد عشرية قرينه و رفيق دربه،عزيز،مهما تكن الدوافع الأخلاقية الرفيعة،على رأي مناصريه، أو الانتخابية المغرضة،فى تحليل آخر.
و عموما من مصلحة صاحب الفخامة،محمد ولد الشيخ الغزوانى،مراجعة مسار حكمه حتى الآن،لتعميق و تعزيز الإيجابيات و تفادى السلبيات و العثرات مستقبلا،بإذن الله.
و باختصار،أود القول،إن ما حصل اليوم،الخميس،11/3/2021،من الاكتفاء بتوجيه الاتهام لأغلب المستجوبين مع الرقابة القضائية،مهما كان مخيبا لأمل الأغلبية الساحقة من المتابعين الموريتانيين،إلا أن مسافة ألف ميل تبدأ بخطوة واحدة،و إن كنت شخصيا، يغلب علي التصور و الاعتقاد،أن موريتانيا نظاما و “دولة عميقة”،تتجه إلى تبييض الفساد،عبر محاكمات صورية هزلية،لا تسمن و لا تغنى إطلاقا!،بينما تتجه أغلبية الشعب الموريتاني،عبر نخبه الواعية و شبابه العاطل و المتلهف للتغيير،للقضاء الجذري على الفساد،و ليس فقط الاقتصار على تقليم أظافر المفسدين،و ذلك عبر ثورة سلمية وشيكة،تغير الواقع المزمن و تقلب كل الموازين.
و من هذا المنبر،أناشد كل القوى الحية،موالاة و معارضة و شعبا و جيشا و أجهزة أمنية،بقيادة صاحب الفخامة،محمد ولد الشيخ الغزوانى،لمحاولة إنقاذ الوضع و قطع الطريق على الغوغاء،قبل فوات الأوان.
فمحاسبة المفسدين و محاربة الفساد،عبر قضاءنا المجرب و مع سقف مرتفع فى اتجاه إرساء هذا العدل المنشود الملح،أكثر أمانا و نجاعة من محاربة الشارع للفساد و المفسدين،بأسلوب فوضوي أحيانا،لا قدر الله.